
عملية تركيب دعامات العمود الفقري هي إجراء جراحي دقيق يُستخدم لتثبيت الفقرات في حالات مثل: الانزلاق الغضروفي، وكسور الفقرات أو اعوجاج العمود الفقري، وتُعد الاختيار الأفضل عندما لا تنجح طرق العلاج التحفظي.
لذلك في هذه المقالة، سيوضح لك الدكتور حازم عنتر مشالي الحالات التي تستدعي الجراحة، وخطوات العملية، وأهم ما تحتاج معرفته عن التعافي والمضاعفات، فتابع القراءة.
ما هي دعامات فقرات الظهر؟
دعامات فقرات الظهر هي أجهزة طبية تُستخدم أثناء جراحات تثبيت الفقرات لعلاج مشاكل مثل: الانزلاق الغضروفي، والكسور، أو تشوهات العمود الفقري مثل: الجنف.
تُزرع هذه الدعامات داخل الجسم لتثبيت الفقرات المصابة، ومنع حركتها الزائدة، مما يساعد على تقليل الألم وتحقيق الاستقرار في الظهر.
وتُعد عملية تركيب دعامات العمود الفقري اختيارًا شائعًا في الحالات التي لا تستجيب للعلاج التحفظي، ويُحدد نوع الدعامة بناءً على حالة المريض ومدى تلف الفقرات.
الحالات التي تحتاج تركيب دعامات العمود الفقري
تشمل أبرز الحالات التي تستدعي تركيب دعامات العمود الفقري: الانزلاق الغضروفي غير المستجيب للعلاج، واعوجاج العمود الفقري (الجنف)، وكسور الفقرات، وبعض الحالات المزمنة مثل: تضيق القناة الشوكية أو فشل الجراحات السابقة.
وتُستخدم دعامات العمود الفقري في حالات محددة يعاني فيها المريض من خلل واضح في ثبات الفقرات أو خطر مؤكد على الأعصاب.
وغالبًا ما تُتخذ هذه الخطوة الجراحية بعد فشل العلاج التحفظي في السيطرة على الأعراض أو إيقاف تدهور الحالة.
وتشمل أهم المؤشرات السريرية لتركيب الدعامات ما يلي:
الانزلاق الغضروفي الحاد
عندما يضغط الغضروف المنزلق على الجذور العصبية لفترة طويلة، وتستمر الأعراض مثل: الألم المنتشر أو التنميل أو الضعف الحركي رغم العلاج، يُعد ذلك من أقوى دواعي التدخل الجراحي.
كما تزداد الحاجة للجراحة بشكل عاجل إذا ظهرت علامات خطيرة مثل: فقدان الإحساس في الأطراف أو اضطراب التحكم في التبول، وهنا تساعد الدعامات على تثبيت الفقرة غير المستقرة ومنع تحركها المتكرر.
اعوجاج العمود الفقري (الجنف)
يُعد الجنف من الحالات المزمنة التي قد تتفاقم بمرور الوقت، خاصةً في سن النمو.
وتُصبح الجراحة ضرورية عند بلوغ زاوية الانحناء درجة تُهدد التوازن الجسدي أو تسبب آلامًا مزمنة أو مشكلات تنفسية.
في مثل هذه الحالات، تُستخدم الدعامات لتصحيح الانحناء وتثبيت الفقرات المتأثرة في وضعها السليم.
كسور الفقرات وعدم الاستقرار البنيوي
الكسور الناتجة عن هشاشة العظام أو الحوادث قد تؤدي إلى فقدان الاتزان بين الفقرات، ما يُعرض الحبل الشوكي للضغط أو الإصابة.
وفي حالة وجود حركة غير طبيعية بين الفقرات، أو ألم غير مستجيب للعلاج، تُعد الدعامة وسيلة فعالة لإعادة الاستقرار ومنع المضاعفات العصبية.
حالات أخرى قد تتطلب التدخل
تشمل هذه الحالات تضيق القناة الشوكية المصحوب بضغط عصبي مزمن، وانزلاق الفقرات بدرجات تؤثر في التناسق الحركي، أو فشل عمليات جراحية سابقة أدت إلى عدم التحام الفقرات كما هو متوقع.
يُحدد قرار استخدام الدعامات بناءً على التقييم الإكلينيكي الكامل، ونتائج التصوير، ومدى تطور الأعراض وتأثيرها على حياة المريض اليومية.
ولا يُوصى بتركيب دعامات العمود الفقري، كما وضح الدكتور حازم عنتر مشالي، إلا عندما تكون ضرورية للحفاظ على وظيفة الفقرات أو منع تدهور عصبي محتمل، وبعد استنفاذ كل وسائل العلاج غير الجراحي.
التحضير لجراحة دعامات العمود الفقري
التحضير الجيد قبل عملية تركيب دعامات العمود الفقري يُعد خطوة أساسية لنجاح العملية وسرعة التعافي، ويشمل مجموعة من الفحوصات الطبية وإجراءات وقائية تهدف لتقليل المضاعفات وتحقيق أفضل نتيجة جراحية.
الفحوصات الطبية قبل عملية تركيب دعامات العمود الفقري
التصوير التشخيصي
- الرنين المغناطيسي (MRI): يُستخدم لتقييم حالة الأعصاب والأقراص الفقرية بدقة، خاصةً في حالات الانزلاق الغضروفي أو ضغط النخاع الشوكي.
- الأشعة السينية الديناميكية: لتقييم حركة الفقرات ومدى استقرارها عند تغيير الوضعيات.
- الأشعة المقطعية (CT): تُطلب عند الاشتباه في كسور دقيقة أو لتخطيط موضع المسامير بدقة.
الفحوصات المخبرية الأساسية
- تحليل صورة دم كاملة (CBC).
- تحاليل التجلط ووظائف الكبد والكلى.
- مستويات فيتامين D والكالسيوم لدعم التئام العظام.
تقييم الحالة العامة والتخدير
- تخطيط كهربي للقلب (ECG) خاصةً للمرضى فوق 40 عامًا.
- اختبارات وظائف الرئة، خاصة في حالات التدخين أو الربو.
تعليمات ما قبل الجراحة
قبل 7 أيام:
- التوقف عن الأدوية المميعة للدم (مثل: الأسبرين والوارفارين) بعد الرجوع للطبيب.
- البدء في استخدام غسول طبي مطهر للجلد.
قبل 24 ساعة:
- الصيام 8 ساعات عن الطعام و6 ساعات عن السوائل.
- التوقف عن التدخين تمامًا لتحسين التئام الأنسجة.
يوم الجراحة صباحًا:
- تناول الأدوية المسموح بها بجرعة ماء صغيرة فقط.
- ارتداء ملابس مريحة وخلع جميع الإكسسوارات والمجوهرات.
ويجب إبلاغ الجراح بأي أعراض غير معتادة مثل: الحُمى أو الالتهابات التنفسية، وكذلك وجود حمل محتمل.
ما هي خطوات تركيب دعامة العمود الفقري؟
تجرى عملية تركيب دعامات العمود الفقري وفق خطوات دقيقة تهدف لتثبيت الفقرات واستعادة ثبات العمود الفقري، باستخدام تقنيات جراحية متقدمة وأدوات توجيه دقيقة.
مراحل العملية الجراحية
- التخدير: يُستخدم التخدير العام في أغلب الحالات لضمان راحة المريض، مع دعم تنفسي كامل عبر أنبوب الحنجرة.
- وضعية المريض والتعقيم: يُستلقى المريض على البطن باستخدام وسائد داعمة لحماية الصدر والبطن، ثم يعقم الجلد بمحاليل مضادة للبكتيريا.
- الشق الجراحي: يتم فتح شق طولي في منتصف الظهر بطول 3 إلى 5 سم تقريبًا، حسب عدد الفقرات المستهدفة. وفي بعض الحالات تُستخدم أجهزة تكبير أو مجهر جراحي لزيادة الدقة.
- تركيب الدعامات:
- إزالة الغضروف أو الأنسجة المتدهورة.
- تركيب مسامير طبية في الفقرات المصابة باستخدام أجهزة توجيه شعاعية.
- تثبيت القضبان المعدنية بين المسامير لتثبيت العمود الفقري.
- الإغلاق والتصريف: يتم وضع أنبوب تصريف لإخراج السوائل الزائدة بعد العملية، ثم يُغلق الجرح بخيوط تجميلية أو غرز قابلة للامتصاص.
وتتراوح مدة الجراحة بين 2-4 ساعات تقريبًا في حالات تثبيت فقرة واحدة أو فقرتين، ومن 5-8 ساعات في الحالات المعقدة مثل: الجنف أو عند تثبيت أكثر من ثلاث فقرات.
المخاطر والمضاعفات بعد جراحة دعامات العمود الفقري
رغم أن جراحة تركيب دعامات العمود الفقري تُعد آمنة نسبيًا، لكن قد ترتبط ببعض المضاعفات المحتملة، سواء على المدى القريب أو البعيد.
وتختلف نسب حدوث هذه المضاعفات حسب حالة المريض، ونوع الجراحة، ومدى التزامه بخطة التعافي.
المضاعفات الشائعة (5–10%)
- العدوى الجراحية: غالبًا ما تظهر خلال أول أسبوع بعد العملية (احمرار، وألم موضعي، وإفرازات من الجرح)، وتستجيب جيدًا للعلاج بالمضادات الحيوية الوريدية، معدل حدوثها 1–3% بحسب Journal of Neurosurgery.
- النزيف: قد يحدث أثناء الجراحة أو بعدها، ويستلزم نقل دم في بعض الحالات، ويكون أكثر شيوعًا لدى مرضى اضطرابات التجلط أو من يتناولون مميعات الدم.
- تأثر الأعصاب مؤقتًا: يشمل تنميل أو ضعف عضلي طفيف يزول خلال 6–8 أسابيع، ويحدث في 3–5% من الحالات حسب الجمعية الأمريكية لجراحي الأعصاب.
المضاعفات النادرة (أقل من 1%)
- تسرب السائل النخاعي (يسبب صداع شديد عند الوقوف).
- رفض الجسم للمعدن (نادر الحدوث جدًا).
- جلطات الساق (DVT) خاصة مع قلة الحركة أو وجود عوامل خطر مثل: التدخين.
مضاعفات متأخرة (بعد شهور أو سنوات)
- فشل التحام الفقرات: يحدث في 5–15% من الحالات، ويُكتشف بالأشعة عند استمرار الألم، كما قد يتطلب جراحة تكميلية.
- تآكل الفقرات المجاورة للدعامة: يظهر تدريجيًا بعد 5–10 سنوات. أكثر شيوعًا في المرضى صغار السن أو من يمارسون نشاط بدني عالي، ويمكن الحد منه بالتمارين الوقائية والمتابعة المنتظمة.
ومن أهم العوامل التي تزيد خطر المضاعفات: التدخين، والسمنة، والسكري غير المنتظم، وضعف التروية الدموية.
ما هي مدة التعافي بعد تركيب الدعامة؟ التعافي بعد عملية دعامات العمود الفقري
يمر التعافي بعد تثبيت الفقرات بعدة مراحل، وكل مرحلة تتطلب نوعًا خاصًا من العناية والتعليمات لضمان التئام العظام ونجاح الجراحة على المدى البعيد.
المراحل الزمنية للتعافي بعد الجراحة
أول 48 ساعة: الاستشفاء والتحكم في الألم
يقيم المريض في المستشفى لمدة يومين تقريبًا، تُعطى خلالها مسكنات الألم عبر الوريد، ويُشجَّع على بدء حركة بسيطة مبكرة لتقليل خطر الجلطات وتحسين الدورة الدموية. يُستخدم جهاز لتحفيز التنفس العميق لمنع التهابات الرئة.
الأسبوع الأول: الراحة المنظمة والمتابعة الأولية
يبدأ المريض في المشي داخل المنزل بمساعدة، مع الحفاظ على وضعيات الجلوس والنوم السليمة.
تزال الغرز بعد 7–10 أيام حسب تقييم الجرح. يُنصح باستخدام حزام دعم الظهر، وتجنب أي انحناء أو التواء مفاجئ.
من الأسبوع الثالث وحتى 6 أسابيع: العودة التدريجية للنشاط
يتمكن معظم المرضى من المشي بشكل طبيعي وقيادة السيارة لمسافات قصيرة.
يبدأ برنامج العلاج الطبيعي الخفيف لتقوية العضلات المحيطة بالفقرات وتحسين التوازن.
بعد 3 إلى 6 أشهر: استعادة القدرة على العمل المكتبي
تشير الإحصائيات إلى أن 80% من المرضى يعودون إلى أعمالهم المكتبية خلال هذه الفترة.
تتضمن المرحلة تمارين تقوية متدرجة، مع متابعة دورية بالأشعة للتأكد من التئام الفقرات وتثبيت الدعامة في مكانها.
بعد عام: الشفاء التام واستئناف الأنشطة المعتدلة
يكتمل الالتحام العظمي في معظم الحالات خلال 12 شهرًا. يمكن العودة للأنشطة البدنية المعتدلة، باستثناء الرياضات عالية التصادم.
تجرى صورة أشعة أخيرة للتأكد من ثبات الدعامة وسلامة الفقرات.
تمارين مهمة خلال التعافي
- الأسبوع الأول: تمارين تنفس عميق وتقوية قاع الحوض (كيجل) لتحسين الدورة الدموية الداخلية.
- من الأسبوع الثاني: المشي الخفيف يوميًا لمدة 10 دقائق على الأقل.
- بعد 6 أسابيع: تمارين ثبات للظهر باستخدام أشرطة مقاومة، بإشراف متخصص.
نصائح طبية لتسريع التعافي بعد عملية تركيب دعامات العمود الفقري
- النوم: على الجنب مع وسادة بين الركبتين، وتجنب النوم على البطن أول شهرين.
- الحركة: ممنوع حمل أي جسم أثقل من 2 كجم أول 6 أسابيع.
- التغذية: تناول كميات كافية من البروتين (1.5 جم لكل كجم وزن) وفيتامين D والكالسيوم.
- العادات: الإقلاع التام عن التدخين، واستخدام وسادة حرارية 15 دقيقة × 3 يوميًا لتخفيف التشنج العضلي.
الخاتمة
عملية تركيب دعامات العمود الفقري ليس مجرد إجراء جراحي، بل خطوة دقيقة تُتخذ بعد تقييم شامل للحالة، وتهدف إلى تحسين جودة الحياة وتخفيف الألم الناتج عن مشكلات العمود الفقري المزمنة.
سواء كنت في مرحلة التفكير في الجراحة، أو تستعد لها، أو بدأت رحلة التعافي، ففهمك لكل تفصيلة في العملية هو جزء أساسي من نجاحها.
تواصل معنا الآن واحجز موعد مع الدكتور حازم عنتر مشالي لمعرفة مدى احتياج حالتك الصحية للعملية على نحو أدق.