الغضروف القطني المرتجع

الغضروف القطني المرتجع من المشكلات التي قد تظهر بعد جراحة استئصال الانزلاق الغضروفي وتعد من أهم أسباب عودة الألم في أسفل الظهر بعد فترة من التحسن.
في بعض الحالات، لا يكون الألم مجرد عرض مؤقت بل نتيجة لانزلاق جديد في نفس الموضع السابق ما يستدعي تشخيصًا دقيقًا وخطة علاجية متخصصة.
في هذا المقال، يوضح الدكتور حازم عنتر مشالي أهم أسباب ارتجاع الغضروف القطني وأعراضه وكيفية الوقاية منه بعد العملية لضمان تعاف آمن ودائم.

ما هو الغضروف القطني المرتجع؟

الغضروف القطني المرتجع هو حالة يحدث فيها انزلاق غضروفي جديد في نفس الموضع الذي خضع فيه المريض سابقًا لجراحة إزالة الغضروف القطني بالميكروسكوب.

يحدث هذا الارتجاع عادةً نتيجة تمزق في الحلقة الليفية المحيطة بالغضروف، مما يسمح باندفاع جزء جديد من النواة الغضروفية، وضغطه على الأعصاب القطنية مرة أخرى.

وعلى الرغم من أن معظم جراحات الغضروف القطني تعد ناجحة إلا أن الدراسات تشير إلى أن نسبة تكرار الانزلاق في نفس المكان تتراوح ما بين 5-15% من الحالات.

وتُعد هذه الحالة من أهم مضاعفات الانزلاق الغضروفي القطني التي تستوجب وعيًا طبيًا كافيًا من جانب كل من المرضى والممارسين الصحيين لضمان المتابعة المبكرة والتدخل العلاجي المناسب.

أسباب الغضروف القطني المرتجع وعوامل الخطورة

YouTube video

لا يوجد سبب واحد واضح ومباشر لحدوث ارتجاع الغضروف القطني بعد الجراحة، لكن هناك مجموعة من العوامل المساعدة التي تُساهم في رفع احتمالية تكرار الانزلاق الغضروفي في نفس المكان وتكمن خطورة هذه العوامل في أنها تؤثر بشكل مباشر في استقرار العمود الفقري وكفاءة التعافي بعد الجراحة.

  • زيادة الوزن

يُعد الوزن الزائد من أهم العوامل التي تضع عبئًا ميكانيكيًا متزايدًا على الفقرات القطنية، مما يؤدي إلى تدهور حالة الغضاريف بشكل تدريجي ويُلاحظ ارتفاع خطر ارتجاع الانزلاق الغضروف القطني في حالتين رئيسيتين:

  • عدم فقدان الوزن الزائد بعد الجراحة.
  • اكتساب وزن جديد أثناء أو بعد فترة التعافي.

 

  • ضعف العضلات الداعمة للفقرات القطنية

تلعب عضلات الظهر والبطن دورًا محوريًا في دعم العمود الفقري والحفاظ على اتزانه، وعند ضعف هذه العضلات، يزداد الضغط على الأقراص الغضروفية، مما يجعلها أكثر عرضة للتمزق أو الارتجاع.

 

  • قلة النشاط البدني

إهمال ممارسة التمارين الرياضية، خاصة تمارين تقوية العضلات المحيطة بالفقرات، يُعتبر من أهم العوامل السلبية التي تعيق الاستشفاء الكامل بعد عملية استئصال الغضروف القطني بالميكروسكوب، وتزيد من خطر حدوث ارتجاع في نفس المنطقة.

 

  • حمل الأوزان بطريقة غير صحيحة

العودة المبكرة إلى النشاط البدني العنيف، أو رفع الأوزان الثقيلة بشكل خاطئ دون دعم عضلي كافٍ، يمكن أن يؤدي إلى تمزق الحلقة الليفية للغضروف مرة أخرى، مسببًا انزلاقًا متكررًا.

 

  • التدخين

أثبتت الدراسات أن التدخين يؤثر سلبًا في التئام الأنسجة بعد الجراحة، كما يقلل من تدفق الدم إلى الأقراص الغضروفية، مما يضعف قدرتها على التجدد، ويزيد من خطر الانتكاس والارتجاع.

وكما وضح الدكتور حازم عنتر مشالي: وجود أكثر من عامل خطر لدى نفس المريض، مثل: زيادة الوزن مع ضعف العضلات والتدخين، يُضاعف من فرص ارتجاع الغضروف القطني في المستقبل.

ما هي أعراض الغضروف القطني المرتجع؟

تظهر أعراض الغضروف القطني المرتجع عادة بعد فترة من التحسن التالي للجراحة، وقد تكون مشابهة للأعراض الأولى للانزلاق الغضروفي، لكنها في بعض الحالات تكون أكثر حدة أو مقاومة للعلاج. 

ويعتمد ظهور الأعراض على موقع الغضروف المرتجع وشدة الضغط على جذور الأعصاب، وتشمل:

  • ألم أسفل الظهر: يحدث بشكل مستمر أو متقطع، ويزداد مع الجلوس، والانحناء، أو النشاط البدني.
  • ألم ممتد إلى الساق (عرق النسا): ألم يشع من أسفل الظهر إلى الأرداف والفخذ والساق، وغالبًا ما يصيب جهة واحدة؛ نتيجة انضغاط العصب الوركي.
  • ضعف عضلي: قد يلاحظ المريض صعوبة في رفع القدم أو الوقوف على أطراف الأصابع، مما يشير إلى تأثر الأعصاب الحركية.
  • تنميل أو خدر: إحساس بالوخز أو فقدان الإحساس في الساق أو القدم، يرتبط بتأثر الأعصاب الحسية.
  • تيبّس وصعوبة الحركة: خاصة عند محاولة الانحناء أو الالتفاف؛ بسبب الألم أو التقلصات العضلية.
  • أعراض عصبية خطيرة (في الحالات المتقدمة) مثل: فقدان التحكم في المثانة أو الأمعاء، أو ضعف شديد في الطرف السفلي، وهي حالات طارئة تتطلب تدخلًا فوريًا.

طرق تشخيص الغضروف القطني المرتجع

يعتمد تشخيص الغضروف القطني المرتجع على الدمج بين الفحص الإكلينيكي الدقيق والفحوصات الإشعاعية المتقدمة لتحديد ما إذا كانت الأعراض ناتجة عن انزلاق غضروفي جديد في نفس الموضع.

الفحص الإكلينيكي

يُجري الطبيب فحصًا سريريًا شاملًا يتضمن:

  • تحليل الأعراض الجديدة: مدى شدتها، وتوقيت ظهورها، وعلاقتها بالنشاط الحركي.
  • اختبارات الحركة وردود الأفعال العصبية: لاكتشاف أي ضعف عضلي أو تأثر في الإحساس.
  • التاريخ المرضي الكامل: خاصة تفاصيل الجراحة السابقة، والاستجابة للعلاج الأولي.
  • تقييم مدى التزام المريض بالإرشادات بعد الجراحة مثل: الراحة، والنشاط البدني، وإنقاص الوزن.
  • تطور الأعراض مع الزمن: ما إذا كانت مستقرة، في تزايد، أو ظهرت بشكل مفاجئ.

الفحوصات الإشعاعية

تُستخدم وسائل التصوير الإشعاعي لتأكيد التشخيص وتحديد مدى الضرر العصبي:

  • الأشعة السينية (X-ray) مع الحركة: للكشف عن استقرار الفقرات القطنية بعد الجراحة.
  • التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI): وهو الفحص الأكثر دقة لتقييم حالة الغضروف المرتجع، ورؤية الانضغاط على الأعصاب المحيطة.

طرق علاج الغضروف القطني المرتجع

يعتمد اختيار علاج الغضروف القطني المرتجع على شدة الأعراض، ومدى استجابة الحالة للعلاج غير الجراحي، ووجود مضاعفات عصبية.

العلاج التحفّظي (غير الجراحي)

يُعد الاختيار الأول في معظم الحالات، ويشمل:

  • العلاج الدوائي

  • مسكنات الألم (مثل: الباراسيتامول أو الترامادول حسب الحاجة).
  • مضادات الالتهاب غير الستيرويدية (NSAIDs) لتقليل التورم.
  • مرخيات العضلات لعلاج التشنجات العضلية المصاحبة.

 

  • العلاج الطبيعي

  • تمارين لتقوية عضلات الظهر والبطن.
  • تقنيات تعديل وضعيات الجسم.
  • جلسات العلاج المائي (Hydrotherapy).
  • تقنيات التمدد (Stretching) وتحسين اللياقة الوظيفية.

 

  • تعديل نمط الحياة

  • برنامج آمن لإنقاص الوزن.
  • التوقف عن التدخين.
  • تجنب حمل الأوزان الثقيلة أو الانحناء المتكرر.

مدة العلاج التحفظي تتراوح بين 3 إلى 4 أشهر، وتتم المتابعة خلالها لتقييم التحسّن.

العلاج الجراحي

يُوصى به إذا لم تُحقق الوسائل التحفظية نتيجة كافية، أو في الحالات الطارئة، ومع ظهور:

  • عدم التحسّن بعد 3–4 أشهر من العلاج التحفظي.
  • أعراض عصبية مثل: سقوط القدم أو ضعف العضلات.
  • مشاكل في التبول أو التبرز (سلس أو احتباس).

وبناءً على ذلك، يتم:

  • إعادة استئصال الغضروف بالميكروسكوب.
  • تدخل دقيق بأقل ضرر للأنسجة.
  • تثبيت الفقرات القطنية باستخدام مسامير وأعمدة من التيتانيوم (في بعض الحالات).

ويُجرى ذلك في حالات عدم الاستقرار أو تكرار الارتجاع أكثر من مرة.

كيف يمكن الوقاية من ارتجاع الغضروف القطني بعد الجراحة؟

للحد من احتمالية تكرار الانزلاق الغضروفي القطني، يجب اتباع خطة وقائية شاملة تبدأ مباشرة بعد العملية وتستمر على المدى الطويل. 

وتشمل أهم خطواتها:

  • الالتزام ببرنامج التأهيل والعلاج الطبيعي

ابدأ جلسات العلاج الطبيعي بمجرد أن يسمح الطبيب، مع التركيز على تقوية عضلات الظهر والبطن، وتحسين التوازن الحركي، والتدريب على الوضعيات الصحيحة للحركة والنوم.

 

  • تعديل العادات اليومية

تجنّب الانحناء المفاجئ، وحمل الأجسام الثقيلة بطريقة خاطئة، واستخدم دائمًا دعمًا قطنيًا عند الجلوس، واختر مرتبة طبية للنوم.

 

  • الحفاظ على وزن صحي

تخفيف الوزن الزائد يقلل الحمل على الفقرات القطنية، ويقلل من فرص تكرار الانزلاق؛ لذا ينصح باتباع نظام غذائي متوازن، ونشاط بدني معتدل يوميًا.

 

  • الإقلاع عن التدخين

التدخين يُبطئ عملية التئام الأنسجة ويُضعف تدفق الدم إلى الغضاريف، مما يزيد خطر ارتجاع الانزلاق. الإقلاع عنه يُحسّن فرص الشفاء الكامل.

وكما وضح الدكتور حازم عنتر مشالي الوقاية لا تعني فقط تجنّب السبب، بل تعني الالتزام بسلوك صحي مستمر بعد الجراحة، والمتابعة المنتظمة مع الطبيب المختص.

الأسئلة الشائعة

ما هي طريقة النوم الصحيحة لمرضى الانزلاق الغضروفي القطني؟

أفضل وضعية نوم لمرضى الانزلاق الغضروفي القطني هي النوم على الظهر مع ثني الركبتين قليلًا ووضع وسادة أسفلها، حيث تساعد هذه الوضعية على تقليل الضغط على الفقرات القطنية.

كما يمكن النوم على أحد الجانبين مع ثني الركبتين قليلًا ووضع وسادة بين الفخذين لدعم استقامة العمود الفقري.

ويُفضل تجنب النوم على البطن؛ لأنه يزيد من تقوس الظهر ويضغط على الأقراص الغضروفية.

متى يسمح بالجماع بعد عملية الغضروف القطني؟

يُسمح للجماع عادة بعد 4 إلى 6 أسابيع من إجراء جراحة الغضروف القطني، بشرط أن:

  • تختفي أعراض الألم الحاد.
  • يكون هناك تحسن في حركة العمود الفقري.
  • لا توجد مضاعفات بعد العملية.

وينصح باختيار وضعيات لا تتضمن انحناء شديد للظهر أو ضغط مباشر على العمود الفقري ومن الأفضل استشارة الطبيب المعالج لتحديد الوقت المناسب بناءً على حالة كل مريض.

الخاتمة

هناك بعض الحالات التي يعود الانزلاق الغضروفي القطني لها في نفس الموضع بعد الجراحة مما يستدعي تشخيص دقيق وتقييم جديد ولكن هذا لا يعني فشل العملية الأولى بل يعد تنبيهًا لضرورة المتابعة الطبية المستمرة.
ومع تطور وسائل العلاج يمكن التعامل مع الحالة بنجاح سواء تحفظي أو جراحي والوقاية تبدأ من الالتزام بتعليمات الطبيب بعد العملية مع الحفاظ على التأهيل البدني.
لذا لا تتردد في استشارة الطبيب عند ظهور أي أعراض غير معتادة بعد الجراحة حيث وضح الدكتور حازم عنتر مشالي الأسباب المحتملة وطرق العلاج وأهم النصائح للوقاية في هذه المقالة.

لتحصل على التشخيص الدقيق والعلاج الأمثل لحالتك – احجز استشارتك الآن مع د. حازم عنتر.

دكتور حازم عنتر

أ. د / حازم عنتر مشالي

  • دكتوراة في جراحة المخ والأعصاب و العمود الفقري – كلية الطب جامعة عين شمس.

  •  أستاذ جراحة المخ و الأعصاب و العمود الفقري – كلية الطب جامعة عين شمس.

  • زمالة جراحات العمود الفقري – مستشفي جامعة بتسبرج الأمريكية.

  • زمالة جراحات أورام العمود الفقري – مستشفي جامعة اوهايو الأمريكية.

  •  زمالة مستشفي كليفلاند كلينك الأمريكية.

اقراء ايضا

  • 30
    يوليو
    أنواع إصابات العمود الفقري

    ما هي أنواع إصابات العمود الفقري؟

  • 22
    يوليو
    انزلاق غضروف الرقبة

    هل يمكن الشفاء من انزلاق غضروف الرقبة | ماهي مدة التعافي؟

  • 16
    يوليو
    متى يكون ألم الظهر خطيرة؟

    متى يكون ألم الظهر خطيرة؟ أهم الأسباب والأعراض

خدماتنا